{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }
وأما القوى الطبيعية فموقف المسلم منها هو موقف التعرف والصداقة، لا موقف التخوف والعداء. ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته، محكومتان بإرادة الله ومشيئته، متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه.
إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقاً مساعداً متعاوناً؛ وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها. ويتعرف إليها، ويتعاون وإياها، ويتجه معها إلى الله ربه وربها. وإذا كانت هذه القوى تؤذيه أحياناً، فإنما تؤذيه لأنه لم يتدبرها ولم يتعرف إليها، ولم يهتد إلى الناموس الذي يسيرها.
ولقد درج الغربيون - ورثة الجاهلية الرومانية - على التعبير عن استخدام قوى الطبيعة بقولهم: " قهر الطبيعة ".. ولهذا التعبير دلالته الظاهرة على نظرة الجاهلية المقطوعة الصلة بالله، وبروح الكون المستجيب لله. فأما المسلم الموصول القلب بربه الرحمن الرحيم، الموصول الروح بروح هذا الوجود المسبحة لله رب العالمين.. فيؤمن بأن هنالك علاقة أخرى غير علاقة القهر والجفوة. أنه يعتقد أن الله هو مبدع هذه القوى جميعاً. خلقها كلها وفق ناموس واحد، لتتعاون على بلوغ الأهداف المقدرة لها بحسب هذا الناموس. وأنه سخرها للإنسان ابتداء ويسر له كشف أسرارها ومعرفة قوانينها. وأن على الإنسان أن يشكر الله كلما هيأ له أن يظفر بمعونة من إحداها. فالله هو الذي يسخرها له، وليس هو الذي يقهرها:
{ سخر لكم ما في الأرض جميعاً }
وإذن فإن الأوهام لن تملأ حسه تجاه قوى الطبيعة؛ ولن تقوم بينه وبينها المخاوف.. إنه يؤمن بالله وحده، ويعبد الله وحده، ويستعين بالله وحده. وهذه القوى من خلق ربه. وهو يتأملها ويألفها ويتعرف أسرارها، فتبذل له معونتها، وتكشف له عن أسرارها. فيعيش معها في كون مأنوس صديق ودود.. وما أروع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر إلى جبل أُحد: " هذا جبل يحبنا ونحبه " ففي هذه الكلمات كل ما يحمله قلب المسلم الأول محمد - صلى الله عليه وسلم - من ود وألفة وتجاوب، بينه وبين الطبيعة في أضخم وأخشن مجاليها.
وبعد تقرير تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي؛ وتقرير الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة.. يبدأ في التطبيق العملي لها بالتوجه إلى الله بالدعاء على صورة كلية تناسب جو السورة وطبيعتها:
{ اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين }..
{ اهدنا الصراط المستقيم }.. وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل؛ ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته.. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته. والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين. وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه.
{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }
فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين.. وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس الله الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى الله رب العالمين.
ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم: { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }.. فهو طريق الذين قسم لهم نعمته. لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه. أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلاً إليه.. إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين..
وبعد فهذه هي السورة المختارة للتكرار في كل صلاة، والتي لا تصح بدونها صلاة. وفيها على قصرها تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي؛ وتلك التوجهات الشعورية المنبثقة من ذلك التصور.
وقد ورد في صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل.. إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال الرحمن الرحيم. قال الله أثنى عليّ عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين. قال الله: مجدني عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال:هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ".
ولعل هذا الحديث الصحيح - بعدما تبين من سياق السورة ما تبين - يكشف عن سر من أسرار اختيار السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة؛ أو ما شاء الله أن يرددها كلما قام يدعوه في الصلاة..
وأما القوى الطبيعية فموقف المسلم منها هو موقف التعرف والصداقة، لا موقف التخوف والعداء. ذلك أن قوة الإنسان وقوة الطبيعة صادرتان عن إرادة الله ومشيئته، محكومتان بإرادة الله ومشيئته، متناسقتان متعاونتان في الحركة والاتجاه.
إن عقيدة المسلم توحي إليه أن الله ربه قد خلق هذه القوى كلها لتكون له صديقاً مساعداً متعاوناً؛ وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها. ويتعرف إليها، ويتعاون وإياها، ويتجه معها إلى الله ربه وربها. وإذا كانت هذه القوى تؤذيه أحياناً، فإنما تؤذيه لأنه لم يتدبرها ولم يتعرف إليها، ولم يهتد إلى الناموس الذي يسيرها.
ولقد درج الغربيون - ورثة الجاهلية الرومانية - على التعبير عن استخدام قوى الطبيعة بقولهم: " قهر الطبيعة ".. ولهذا التعبير دلالته الظاهرة على نظرة الجاهلية المقطوعة الصلة بالله، وبروح الكون المستجيب لله. فأما المسلم الموصول القلب بربه الرحمن الرحيم، الموصول الروح بروح هذا الوجود المسبحة لله رب العالمين.. فيؤمن بأن هنالك علاقة أخرى غير علاقة القهر والجفوة. أنه يعتقد أن الله هو مبدع هذه القوى جميعاً. خلقها كلها وفق ناموس واحد، لتتعاون على بلوغ الأهداف المقدرة لها بحسب هذا الناموس. وأنه سخرها للإنسان ابتداء ويسر له كشف أسرارها ومعرفة قوانينها. وأن على الإنسان أن يشكر الله كلما هيأ له أن يظفر بمعونة من إحداها. فالله هو الذي يسخرها له، وليس هو الذي يقهرها:
{ سخر لكم ما في الأرض جميعاً }
وإذن فإن الأوهام لن تملأ حسه تجاه قوى الطبيعة؛ ولن تقوم بينه وبينها المخاوف.. إنه يؤمن بالله وحده، ويعبد الله وحده، ويستعين بالله وحده. وهذه القوى من خلق ربه. وهو يتأملها ويألفها ويتعرف أسرارها، فتبذل له معونتها، وتكشف له عن أسرارها. فيعيش معها في كون مأنوس صديق ودود.. وما أروع قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر إلى جبل أُحد: " هذا جبل يحبنا ونحبه " ففي هذه الكلمات كل ما يحمله قلب المسلم الأول محمد - صلى الله عليه وسلم - من ود وألفة وتجاوب، بينه وبين الطبيعة في أضخم وأخشن مجاليها.
وبعد تقرير تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي؛ وتقرير الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة والاستعانة.. يبدأ في التطبيق العملي لها بالتوجه إلى الله بالدعاء على صورة كلية تناسب جو السورة وطبيعتها:
{ اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين }..
{ اهدنا الصراط المستقيم }.. وفقنا إلى معرفة الطريق المستقيم الواصل؛ ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته.. فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته. والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين. وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه.
{ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } * { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } * { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }
فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين.. وهي في حقيقتها هداية فطرة الإنسان إلى ناموس الله الذي ينسق بين حركة الإنسان وحركة الوجود كله في الاتجاه إلى الله رب العالمين.
ويكشف عن طبيعة هذا الصراط المستقيم: { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }.. فهو طريق الذين قسم لهم نعمته. لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه. أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلاً إليه.. إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين..
وبعد فهذه هي السورة المختارة للتكرار في كل صلاة، والتي لا تصح بدونها صلاة. وفيها على قصرها تلك الكليات الأساسية في التصور الإسلامي؛ وتلك التوجهات الشعورية المنبثقة من ذلك التصور.
وقد ورد في صحيح مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن مولى الحرقة عن أبيه، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين. فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل.. إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال الرحمن الرحيم. قال الله أثنى عليّ عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين. قال الله: مجدني عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال:هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ".
ولعل هذا الحديث الصحيح - بعدما تبين من سياق السورة ما تبين - يكشف عن سر من أسرار اختيار السورة ليرددها المؤمن سبع عشرة مرة في كل يوم وليلة؛ أو ما شاء الله أن يرددها كلما قام يدعوه في الصلاة..